أنتِ لستِ منتهية الصلاحية

تفكيك الأكاذيب التي علّمتنا أن العمر يُنقص من قيمتنا

دعينا نضع الحقيقة أولاً: قيمة المرأة لا تنتهي بتاريخٍ على هويتها

لكن لمئات السنين، قيل لنا العكس. همسًا في المجالس، تلميحًا في أحاديث العائلة، إيحاءً في المجلات والمسلسلات، تكرّس في وعينا أن الوقت يداهمنا. أن هناك موعدًا نهائيًا للجمال، للقبول، للنجاح. وأن من لم تتزوج، ولم تنجب، ولم “تُنجز” كل شيء قبل سن معين… فقد ضيّعت فرصتها

دعيني أخبرك: هذه كذبة. وحان الوقت أن نحرقها

الضغط الصامت: حين يصبح العمر موعدًا نهائيًا

في المجتمع السعودي، الضغط لا يصرخ، بل يهمس
“شارفتِ على الثلاثين… متى الزواج؟”
“ما شاء الله شهادتين؟ خفّي شوي، لا ترعبين العرسان”
“تجاوزت الخامسة والثلاثين ولسه؟!”

هذه ليست تعليقات عابرة. إنها تغلغلت في وعينا، وغيّرت الطريقة التي نرى بها أنفسنا. جعلت نساءً لامعات، متعلمات، طموحات… يشككن في قيمتهن لمجرد أن رقمًا ازداد في بطاقتهن

جعلتنا نتسرع. نُساوم. نصغر أنفسنا لنتناسب مع جداول زمنية لم نخترها

نحن لا نكبر… نحن نتطور

 اللغة اليومية التي تكرّس وهم “الانتهاء”

ليست المشكلة فقط فيما يُقال، بل كيف يُقال. في الجلسات، في الصالونات، في العزايم، وحتى في قروبات العائلة… يُستخدم العمر كمسطرة تقيس “هل لا زال لديكِ وقت؟” أم أن وقتكِ قد فات

عبارات يومية تُعيد تثبيت الفكرة في اللاوعي

“خلاص قطار الزواج فاتك”
وكأن الحب محطة، وله موعد مغادرة، ومن لم تلحق… انتهت
“أهم شيء تتزوجي قبل الثلاثين”
وكأنكِ بعد الثلاثين تصبحين غير مرئية، أو غير مرغوبة
“كبّري عقلك”
غالبًا ما تُقال حين تحلمين بشيء كبير… بعد عمر “محدد”
“بعد الأربعين خلاص”
وكأن الطموح يُدفن بعد رقم معين، ولا يُسمح لك إلا بأن تختفي خلف دور الأمومة أو الجدة
وحتى الأسلوب الحياتي يحمل رسائل خفية
قولي “لبسي على عمرك” = اخفي نفسكِ الآن
غياب تام للنساء الأكبر عمرًا في الإعلانات والدراما
تمجيد مستمر لمفهوم “مضاد للشيخوخة” بدل الاحتفاء بالنضج
وطريقة همس النساء بأعمارهن وكأنهن يعتذرن… لا يفخرن

كلها رسائل متراكمة، تغذي نفس الفكرة: اخشَي الوقت

من كتب هذا السيناريو؟

دعينا نقولها كما هي
منظومة بُنيت خصيصًا لتُبقي النساء صغيرات
من يستفيد؟
شركات التجميل و”مضادات الشيخوخة” التي تربح من خوفك
عقول تقليدية تخشى من المرأة القوية الناضجة
مؤسسات تُقصي النساء الأكبر سنًا لتُوفّر رواتب وتُرضي صورة “الشباب”
وفي ثقافتنا؟
تُغلف بالعِفة، والسمعة، والتوقيت المثالي… لكنها نفس الرواية القديمة
كوني شابة، جميلة، هادئة، وعندما لا تعودي كذلك… اختفي

 

الشيخوخة في ثقافتنا: بين الجمال، الحشمة، والمقاييس المزدوجة

الهوس بالشباب عندنا مشغول بطبقات من التوقعات
احتشام، هدوء، أنوثة ناعمة، وجسد مشدود لا يشي بالزمن
نراه حين تُقابل العانس بالشفقة
حين تُحاسب الأرملة أو المطلقة إن قررت أن تعيد بناء حياتها
حين يُقال عن الرجل الشائب: “حكيم”، وعن المرأة الشائبة: “صبغي شعركِ”
لكن الحقيقة؟
لسنا أجسادًا فقط. نحن فكر، وخلق، وقيادة، ونور

 

السرد الجديد: نحن لا نبدأ متأخرين… نحن نبدأ أقوى

أنا رأيتها بأم عيني
نساء سعوديات في الثلاثين، والأربعين، والخمسين… يطلقن أعمالاً، يقُدن مشاريع، يعلّمن، ويحببن على شروطهن
لا يطلبن الإذن ليظهرن
لا يعتذرن عن أعمارهن
لا يتقلصن ليناسبن توقيت غيرهن

 

يدخلن الأماكن وكأنهن يملكنها—لأنهن كذلك

رسالتي لكِ، أياً كان عمركِ

أنتِ لستِ متأخرة
لستِ كبيرة
لستِ منتهية الصلاحية
سواء كنتِ في الـ28 وتشعرين بالعجلة، أو في الـ48 وتبدئين من جديد…
خطك الزمني ملكك
أنتِ لا تدينين لأحد بشبابك، بصمتك، أو بمحاولة دائمة لتبقي “مناسبة”

أنتِ بالفعل مناسبة

فلننسف كذبة “الانتهاء”
ونستبدلها بحقيقة
أنتِ لستِ خارجة عن الوقت… أنتِ في توقيتكِ المثالي